الدور التخريبي لدولة الإمارات في العراق: قراءة في ضوء تسريبات ويكيليكس
- حيازة وحمل
- Mar 14
- 2 min read
منذ عام 2003، شكّل العراق ميدانًا مفتوحًا لصراع النفوذ الإقليمي، حيث انخرطت قوى عديدة في التأثير على مسار الدولة الجديدة بعد سقوط نظام صدام حسين. ضمن هذا السياق، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كفاعلٍ غير مباشر، لكن نشِط، سعى إلى تقويض التجربة العراقية الوليدة عبر أدوات سياسية وإعلامية وأمنية.
ورغم أن خطاب أبو ظبي الرسمي يروّج لدعم “الاستقرار ومحاربة التطرف”، فإن وثائق ويكيليكس المسربة تكشف عن وجه آخر، يؤشر على مشروع تفكيكي/تخريبي ممنهج تجاه العراق، لا سيّما تجاه القوى السياسية الشيعية التي صعدت إلى الواجهة بعد 2003.
⸻
عداء استراتيجي مضمَر: ما وراء الخطاب
تكشف وثائق ويكيليكس أن ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان، عبّر في لقاءات دبلوماسية رسمية عن عداء واضح للمكوّن الشيعي العراقي، واعتبر أن نفوذهم السياسي يشكّل خطرًا استراتيجيًا على “الهوية العربية السنية”.
في وثيقة رقم: 07ABUDHABI976 (بتاريخ 2007):
صرّح محمد بن زايد للجنرال الأمريكي ديفيد بترايوس بأن رئيس الوزراء العراقي آنذاك، نوري المالكي، “طائفي وغير جدير بالثقة”، مضيفًا:
“الشيعة لن يتوقفوا حتى يسيطروا على العالم الإسلامي”.
واقترح على الولايات المتحدة العمل على تغييره أو الضغط لإزاحته، معتبرًا أن الحكومة العراقية تسير في فلك إيراني.
⸻
دعوة لتغيير النظام بالقوة
في وثيقة رقم: 09ABUDHABI828 (بتاريخ 2009):
عبّر ابن زايد عن اعتقاده بأن الحكومة العراقية أصبحت خاضعة بالكامل لإيران، وأن الضغوط السياسية غير كافية لإعادة التوازن. وبحسب ما نقله الدبلوماسيون الأمريكيون، فقد لمح إلى ضرورة تغيير النظام بالقوة كخيار مطروح.
⸻
التأثير في نتائج الانتخابات
في وثيقة رقم: 10ABUDHABI94 (بتاريخ 2010):
عبّر محمد بن زايد عن قلقه من أن الانتخابات العراقية القادمة ستُنتج مجددًا حكومة تهيمن عليها القوى الشيعية. وطالب الجانب الأمريكي بـ”البحث عن وسائل لتعديل نتائج الانتخابات”، من خلال التأثير على التحالفات أو دعم شخصيات معينة.
⸻
أدوات تنفيذ المشروع الإماراتي
لا يقتصر الدور الإماراتي على الخطاب، بل يستند إلى منظومة من الأدوات المؤثرة:
• التمويل السياسي: دعم شخصيات بعثية وسنّية معارضة، أبرزهم خميس الخنجر ورافع العيساوي.
• الذراع الإعلامية: تسخير قنوات مثل “سكاي نيوز عربية” لتشويه صورة الحشد الشعبي وفصائل المقاومة.
• الاختراق الأمني: رُصد تواجد فرق أمنية إماراتية داخل مؤسسات عراقية حساسة، خاصة خلال فترة حكومة مصطفى الكاظمي.
• الترويج للتطبيع: محاولات للتأثير على بيئة عشائرية في مناطق غربية لدفعها نحو علاقات غير رسمية مع الكيان الصهيوني بعد اتفاقيات “أبراهام”.
⸻
استنتاج: بين الدور الناعم والعدوان الناعم
الوثائق التي كشفتها ويكيليكس لا تمثل رأيًا أو تحليلًا فقط، بل هي شهادات دبلوماسية رسمية صدرت من قلب اللقاءات المغلقة، وتُظهِر حجم التدخل الإماراتي في القرار العراقي.
هذا الدور لم يكن مبنيًا على احترام السيادة ولا دعم التعددية، بل على هندسة المشهد العراقي وفقًا لمصالح أبو ظبي الجيوسياسية، عبر تحجيم النفوذ الشيعي، وكبح الفصائل المقاومة، وتفكيك الحضور الشعبي المناهض للتطبيع.

Comments