top of page
Search

التوراة والسيف: كيف تحوّلت النبوءة إلى مشروع إبادة معاصر

  • Writer: حيازة وحمل
    حيازة وحمل
  • Mar 10
  • 4 min read

مقدمة افتتاحية: إسرائيل ليست دولة… بل نبوءة مسلحة

حين ننظر إلى خارطة الحروب التي خاضتها إسرائيل، نجد أنها لم تكن مجرد معارك عسكرية في إطار صراع سياسي.

من قصف قرى فلسطين في 1948، إلى مجازر صبرا وشاتيلا في 1982، مرورًا بقصف المفاعل النووي في العراق، ثم تدمير أحياء كاملة في غزة ولبنان، وانتهاءً باغتيالات دقيقة في قلب دمشق وطهران...

كل ذلك لا يبدو كتحركات جيش عادي، بل كمراحل تنفيذية لنصوص توراتية تعود إلى آلاف السنين.


إسرائيل لا تقاتل فقط بأسلحة متطورة، بل بإيمان راسخ أنها تنفّذ وصايا إلهية.

وما يظهر في بيانات الجيش من مسميات لعمليات عسكرية، ليس عبثًا:


- "عملية يشوع" (2003): استهدفت مخيمات في جنين ونابلس، واقتبست اسمها من نبي قاد مذابح كنعان.

- "عامود السحاب" (2012): مستوحاة من سفر الخروج، حيث "الرب يسير أمام الشعب في عمود سحاب وقت النهار وعمود نار ليلًا".

- "السور الواقي" (2002): اجتياح دموي للضفة، يحمل دلالة دينية من سفر إشعياء: "على أسوارك يا أورشليم، أقمت حرّاسًا".

- "عملية سليمان" (1991): تهريب يهود الفلاشا من إثيوبيا، بحجة أنهم "من بقايا الأسباط العشرة"، لكن الهدف كان إثبات "التفوّق اليهودي حتى في العِرق".

- "الرماد الساخن" و"السيف الحديدي" و"أيام التوبة": عمليات في غزة ولبنان، تحاكي أسماءً نبوية توراتية لمرحلة الانتقام الإلهي.


كل اسم عملية، كل خريطة توسع، كل مستوطنة تُقام على أنقاض قرية، ليس مجرّد فعل سياسي، بل تجسيد حيّ لنبوءة دينية تُقرأ، وتُفسّر، وتُنفَّذ.


في هذا النص، لن نحاكم إسرائيل كدولة استعمارية فقط، بل سننزع عنها قناع "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، ونكشفها على حقيقتها:


كيانٌ بُني على قراءة توراتية عنصرية، ترى في الإبادة خلاصًا، وفي الأرض ملكية إلهية، وفي القتل عبادة.


نحن هنا لنواجه النص.

لنُفكّك الميثولوجيا.

لنقول بوضوح: حين يتحوّل الرب إلى قائد عسكري، فإن الحرب ليست مع العدو، بل مع اللاهوت نفسه.


الوصايا العشر للقتل: كيف تحوّلت التوراة إلى أكثر كتب الحرب دموية؟


في الكتب المقدسة، يبحث الناس عن السلام، عن الرحمة، عن الغفران...

إلا في التوراة، حيث تقرأ أمة بكاملها كتابًا يروي كيف تُطهَّر الأرض من سكانها الأصليين، كيف تُذبح الشعوب،كيف يُمحى التاريخ، ويُكتب العالم من جديدبدم الآخرين."


اقتُلوا كل ذكر من الأطفال، وكل امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة. أما العذراوات، فاستبقوهن لأنفسكم." (العدد31:17–18)


من هذا النص نبدأ.ومن هذا النص، بدأت إسرائيل الحديثة.


1. يشوع بن نون: أول مجرم حرب مقدّسيشوع لم يكن نبيًا متعبّدًا، بل قائدًا عسكريًا قاد حرب تطهير عرقي شاملة في أرض كنعان.فتح أريحا بحد السيف، ثم "حرّم" سكانها، أي ذبّحهم جماعيًا."وحرموا كل ما في المدينة... بحد السيف." (يشوع 6:21)


وهذه الحرب تُدرّس اليوم في معاهد الضباط الإسرائيليين على أنها "السابقة الروحية للحرب الحديثة".


2. داود النبي؟ أم القائد الذي جمع غُرَل الفلسطينيين؟

"جمع داود مئتي غُرلة من الفلسطينيين كمهر لميكال ابنة شاول." (صموئيل الأول)


نبي يُقدم أعضاءً تناسلية لفلسطينيين قُتلوا كمهر زواج! ويسألون: لماذا لا نقبل هذا "التاريخ المقدس"؟


3. لماذا هاجمت إسرائيل العراق؟ لأن الرب قال: امحُ عماليق!

قصف مفاعل تموز في بغداد (1981) لم يكن مجرد عملية عسكرية.

بل سُمّي "عملية عوبديا" – النبي الذي توعّد أدوم بالدمار.المبرر الداخلي في إسرائيل كان: "العراقيون هم عماليق هذا العصر، وقد أمر الرب بمحوه."


4. خارطة الدم: كيف تضع التوراة معالم التوسع؟

من النيل إلى الفرات؟ القدس "عاصمة أبدية"؟

نابلس "شَكيم" التوراتية؟ الخليل "مغارة المكفيلة"؟

كل هذه ليست أوهامًابل تطبيقات ميدانية لخرائط جاءت في سفر التكوين، العدد، يشوع.


5. لا شفقة في العقيدةولا قيمة لحياة الغوييم"الرب يأمرك أن لا تعقد عهدًا مع هذه الشعوب، ولا تُشفِق عليهم." (التثنية 7:2)


6. عندما تصبح التوراة أقوى من القانون الدولي

الأمم المتحدة؟ لا اعتبار لها.

اتفاقيات جنيف؟

لا أهمية.المواثيق الدولية؟ خرافة.

المرجعية الوحيدة: التوراة.


7. الحاخام الأعلى في ميدان المعركةخلال كل حروب إسرائيل، كان هناك حاخام رسمي يرافق الجنود، يُدرّسهم نصوصًا من العهد القديم.

"أنتم في مهمة مقدسة... الرب نفسه يسبقكم."


والنتيجة؟ جندي لا يرى في الطفل الفلسطيني إنسانًا، بل "كنعانيًّا ملعونًا من الرب".


8. إسرائيل ليست دولةإنها تنفيذ حرفي لنص إبادة

إسرائيل ليست "كيانًا استعماريًا تقليديًا"، بل شكل جديد من الكيان الديني المسلّح بالنصوص المقدسة.

هي ترجمة فورية لسفر التثنيةبطائرات F-16.


الخاتمة: حين يُصبح الرب نفسه سلاحًا

المأساة ليست في النص فقطبل في أن هناك من يحوّل النص إلى خطة عسكرية، ومن يحوّل النبوءة إلى طلعة جوية.

ولهذا، فإن المعركة مع إسرائيل ليست سياسية فقط، بل وجوديةنصّيةأخلاقية.



الخاتمة: نبوءة تمشي على جماجم


نحن لا نُحاكم دينًا ولا طائفة. نحن نحاكم نصًا تحوّل إلى خطة عسكرية، ونبوءة تحوّلت إلى رخصة قتل.  

نحن نحاكم مشروعًا يقرأ التاريخ على أنه ماضٍ يجب محوه، والحاضر على أنه غنيمة، والمستقبل على أنه ملك حصري لشعب واحد فقط.


حين يصبح الرب جنديًا، والنص دبابة، والوصية قذيفة، فإن المعركة ليست فقط على الأرض، بل على الذاكرة،وعلى الأخلاق، وعلى الإنسان نفسه.


إسرائيل ليست دولةبل نبوءة تمشي على جماجم.


وإذا لم نفضح النصفسنُدفن تحته.




ت



نويه قانوني:


هذا المقال لا يستهدف ديانة أو طائفة بعينها، ولا يروّج للكراهية أو العنف ضد أي جماعة دينية أو عرقية.

بل يُقدّم تحليلًا نقديًا لتوظيف نصوص دينية في سياق أيديولوجي–سياسي وعسكري محدد،

ويهدف إلى تفكيك الخطاب الذي يستند إلى هذه النصوص في تبرير الحروب، الاستيطان، والإقصاء.


حرية التعبير والفكر النقدي هي جزء من حق أصيل في تحليل النصوص التاريخية وتفسير انعكاساتها الواقعية.

 
 
 

Comments


bottom of page