top of page
Search

التشخيص والعلاج في الرماية الأساسية

  • Writer: حيازة وحمل
    حيازة وحمل
  • Mar 14
  • 3 min read

بقلم: مدرب رماية محترف


الرماية ليست مسألة إصابة هدف فحسب، بل هي انضباط كامل. تعلمت من سنوات التدريب أن كثيرًا ممن يصيبون الأهداف لا يملكون أساسًا سليمًا في الرماية. المسألة لا تتعلق بطلقة ناجحة، بل بالقدرة على إعادة تلك الطلقة بنفس الدقة، تحت الضغط، وفي ظروف متغيرة.


تنبيه ضروري


ليس كل من يصيب هدفًا من مسافة معلومة يُعتبر رامياً ماهرًا.

الرماية لا تُقاس بحظ عابر، بل بثبات الأداء، واتساق النتائج، والسيطرة على النفس والسلاح في الوقت ذاته. الرامي المتقن هو من يُعيد نفس الطلقة بنفس التركيز، دون ارتباك أو تردد.



أولًا: التشخيص


لا يمكن بناء أي مهارة دون معرفة دقيقة بمكان الخلل. مهمتي الأولى كمدرب هي أن أُشخّص، لا أن أُعلّم مباشرة.

أراقب وقفة الرامي، توازنه، تنفّسه، قبضته، ردود فعله عند الضغط، وحتى كيف يتعامل مع الطلقة الفاسدة. كلها مؤشرات واضحة لمن يعرف ما يبحث عنه.


1. وضعية الرامي


أي انحراف بسيط في الوقفة يؤدي إلى تشتت الطلقات. التوازن بين القدمين، استقامة الكتفين، توزيع الوزن، كلها أساسية.


2. قبضة السلاح


السلاح لا يُمسك بقوة زائدة ولا بارتخاء. أراقب دائمًا تماثل الضغط من اليدين، وميل السلاح عند التسديد.


3. التنفس


الإطلاق أثناء التنفس النشط خطأ شائع. الطلقة لا تُطلق إلا في لحظة السكون الرئوي، بعد الزفير مباشرة.


4. ضغط الزناد


الضغط المفاجئ يفسد الرمية حتى لو كان التسديد صحيحًا. الضغط يجب أن يكون تدريجيًا، وهادئًا، ومن مفصل السلامية الأولى.


5. التسديد البصري


الشعيرة يجب أن تكون في مركز الفرضة، والفرضة موجهة نحو الهدف، لا أكثر ولا أقل. أي اختلال هنا يجعل الإصابة عشوائية.


6. تحليل النتائج


أماكن سقوط الطلقات تكشف سلوك الرامي بدقة. أنماط التكرار والانحراف تقودنا إلى السبب، وليس مجرد النتيجة.



أدوات التشخيص المساعدة


1. موقت الرماية


يُستخدم لحساب الزمن بين الإيعاز والإطلاق، وسرعة الانتقال بين الأهداف. يكشف التردد أو البطء، ويعطي مقياسًا واقعيًا لتطور الرامي.


2. الإطلاقات الفاسدة


تُستخدم لمحاكاة الطلقة دون ذخيرة حية. تُكشف بها ردود الفعل غير الإرادية، كدفع السلاح أو ارتجاف اليد.


3. أدوات الليزر


تُستخدم في التمارين المغلقة، مع الإطلاق الجاف، لرصد اتجاه السلاح لحظة الضغط.


4. الأنظمة الإلكترونية البسيطة


تشمل أدوات وتطبيقات تُستخدم لتحليل الأداء بشكل عملي، مثل:

• التطبيقات التي تسجل عدد الطلقات، أوقات الإطلاق، وترتيب الإصابة على الأهداف.

• طلقات الليزر اللحظية، تُستخدم مع الإطلاق الجاف لتحديد اتجاه الشعاع لحظة الضغط.



ثانيًا: العلاج


العلاج لا يعني إعطاء تعليمات، بل هو تدريب ميداني طويل النفس، فيه مراقبة وتكرار وتصحيح مستمر.


1. تصحيح الوقفة


أدرب الرامي على ثبات الوقفة، توزيع الوزن، واستقامة الجذع. إذا كانت القاعدة غير مستقرة، لا يمكن بناء أي دقة.


2. تقوية القبضة


أستخدم تمارين أمام المرآة لضبط القبضة، مع التركيز على تماسك السلاح أثناء التنفس.


3. التنفس المنضبط


أُدرّب الرامي على تزامن التنفس مع الاستعداد للإطلاق، بحيث تصبح العملية تلقائية.


4. ضغط الزناد الجاف


الإطلاق الجاف يدرّب الإصبع على الضغط الهادئ، ويكشف أي حركة لا إرادية قد تُربك السلاح.


5. التهديف البصري


أُركّز على تنمية التركيز البصري، وضبط الشعيرة والفرضة والهدف في خط واحد دون ارتباك.


6. البناء النفسي


الرامي الذي لا يثق بنفسه لن يصيب. أعمل على كسر الخوف، وبناء الثقة تدريجيًا، من أهداف قريبة إلى بعيدة.


7. سجل الأداء


كل رامي أتابعه بسجل خاص: عدد الطلقات، أماكنها، توقيت الإطلاق، والملاحظات النفسية والجسدية. لا يمكن علاج ما لا يُوثّق.



التعليم الصحيح من البداية


من يَبدأ صحيحًا، يصل أسرع.

أُؤمن أن التأسيس المنضبط من اليوم الأول أفضل من تصحيح الأخطاء بعد أن تترسّخ.

التعليم العشوائي يُهدر الوقت، ويصنع عادات سيئة من الصعب كسرها. لهذا أحرص دائمًا أن تكون أول جلسة تحت إشراف مباشر.



ملاحظة للرماة الجدد


في البداية، لا تهتم بإصابة المركز، بل بإتقان الأساسيات.

الوقفة، القبضة، التنفس، النظر، والضغط؛ هذه هي الرماية.

ركّز على التكرار المنتظم، وتجنّب الحماس الزائد. كل شيء يأتي بالتدرّج.



الخلاصة


الرماية ليست عن الطلقة، بل عن الرامي.

إن عرفت نفسك، وعرفت جسدك، وضبطت أدواتك، فإن كل طلقة ستكون رسالة واضحة.

مهمتي كمدرب ليست أن أقول لك “أحسنت”، بل أن أجعلك تعرف متى تكون قد أحسنت، ولماذا.



 
 
 

Comments


bottom of page